موضوع: ثرثرة فكر ... الأربعاء مايو 18, 2011 4:13 pm
علمنا اباءنا وقاموا بتربيتنا حتى كبرنا واصبحنا مثلهم اباء نقوم بدورنا بتربية اجيال هي بدورها ستقوم بتربية اجيال أُخرى وهكذا ..
هذه هي دورة الحياة التي اعرفها ويعرفها الجميع ... لكن..... عندما يُحاول ان يُربي الأبن والداه او الإبنة والدتها هذا مايجعلني اشك ... إما بنا او بالحياة نفسها ...
هناك خلل ... لكن اين او بمن .....؟
ابقوا معي....
- اب يزور صديقه الذي يسكن في الشارع المقابل بشكل يومي ... فصديقه ليس مريضاً ولكنه لايُحب الخروج كثيراً ... وكان هذا هو حالهم منذ سنوات طويلة .. في يومٍ من الأيام منع الأبناء والدهم من ان يذهب لذلك الرجل فقالوا له ليس من اللائق أن تزوره ولايبادلك الزيارة ..
اصر الأب على ان يذهب إليه في موعده المعتاد ... وماكان من الأبناء إلا ان يقوموا بتعليم والدهم مايفترض ومالايفترض.. الأصول , العيب , الواجب , فن التعامل , وكيفية التواصل , و....و......و.... فتجد الأب يجلس ليستمع لأبناءه وهم يُحاولون أن يجعلون منه رجلاً متحضراً
.................................. - ابن قام بإعداد عشاء عمل وحضر هذه العزومة شخصيات راقية جداً
رجال اعمال من مختلف الجنسيات , وقبل ان يجلسوا على طاولة الطعام ليتناولوا عشاءهم كان من بينهم هذا الأب البسيط ... فهمس ابنه في اذنه قبل ان يضعوا الطعام >> كُل بالملعقة وليس بيدك .. لاتشرب كأس اللبن إلا عندما تنتهي لاتنهض من مكانك لتملأ للضيوف اطباقهم فالخادم سيقوم بهذه المهمة ..و....و....و...... فجلس الأب يستمع لأبنه وهو يُحاول أن يُقيد حريته ويمنعه من ان يقوم بواجب الضيافة التي اعتادها..
.........................
-فتاة يمنعها اهلها من زيارة صديقاتها إلا ووالدتها معها
فترضخ للأمر ... لكن هيئة والدتها تسبب لها الحرج ... وطريقة كلامها من وجهة نظرها غير لائقة .. فقبل ان تقوم بزيارة تلك الصديقة والتي اظن بأنها تشبهها فكراً .. تقوم بشراء ملابس جديدة لوالدتها .. حيث ان جلابياتها دليل على عدم حضارتها وتذهب بها ايضاً لأحد صالونات التجميل لتضع على وجهها مايُخفي تلك التجاعيد وتلك البقع الناتجة عن الشيخوخة ... وتضع على شعرها الواناً تُخفي شيباتها المُتناثرة هنا وهناك... وليس امام الأم إلا ان تستسلم لما تفعله ابنتها فهي لاتريد ان تحرجها ولاتريد ان تكون سبباً في تعقيدها... فتخضع الأم لها وهي تحاول أن تجعلها بصورة وهيئة لاتعبر عن شخصيتها ولا بيئتها...
.............................
امثلة كثيرة ومشاهد متعددة نراها بشكل مستمر ..
, ’, ,’ ’
اعتاد اباءنا واجدادنا على تبادل الزيارات
على الوقوف بجانب بعضهم البعض على عادات كانوا يمارسونها طوال حياتهم وهم سعداء.. على ان يتحدثوا بكل شيء دون ان يفكر احدهم بما يجب ان يُقال او مالايجب ان يُقال.. كانوا يفهمون بعضهم البعض دون ان يتكلموا ... علاقتهم ببعضهم البعض متينة جداً لم تُضعفها الأيام ولا الظروف القاسية التي مروا بها ولا حتى تلك الحضارة التي زاحمتهم وحاولت ان تشتت شملهم .. لكنهم حاربوها سويةً يداً بيد وصفاً بصفاً وكأنهم بنيان مرصوص... اعتادوا ان يلبسوا مايشاءون دون ان يتقيدوا بحضارة او موضة ..
لكن ...
يأتي الأبن المتحضر والمثقف والعاقل والرزين وتأتي فتاة القنوات الفضائية والإنترنت يُمليان على والديهما مايجب ان يفعلاه ومالايجب ان يفعلانه .... يُعلمه كيف يتصرف وكيف يتكلم وكيف يأكل احياناً وكأننا نقول لهم وبطريقة غير مباشرة انتم لاتناسبون لا المكان ولا الزمان ... نجردهم من عاداتهم وقيمهم , نُقيد حرياتهم , نقتل كرامتهم , كبرياءهم , نهينهم , نُسصغرهم , نذلهم , نُدمر شموخهم , نكسر شوكتهم , نفرق شملهم , نُلغي وجودهم .. ولو فكرنا بالأمر.. لوجدنا بأننا نقتلهم في نفس الوقت الذي نقتل فيه تاريخنا وماضينا ..